Star InactiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive
 
 هيثم كريم 
دور القطاع الخاص في تنشيط الحركة التجارية في اقليم كوردست ان العراق :

هيثم كريم



نظرا للأهمية الكبيرة للقطاع الخاص في الحياة الاقتصادية وفي تنشيط الحركة التجارية لاقليم كردستان فضلا عن دوره المساند للمؤسسات الحكومية من أجل أن تؤدي دورها بشكل فعال ومؤثر من الناحية الاقتصادية والسياسية التقينا الأستاذ ( آزاد أحمد سعدون الدوسكي) أستاذ الأقتصاد في جامعة دهوك وقد أجابنا على بعض الأسئلة التي تناولت جملة من القضايا منها :
متى بدأت بودار بروز القطاع الخاص في اقليم كوردستان العراق ؟


كما هو معلوم أن النظام السابق قد مارس سياسات اقتصادية معادية للقطاع الخاص عموما باعتباره أداة من أدوات الضغط الاقتصادي على الحكومة لذا كانت توجهاته تنصب على الحد من بروز قطاع خاص قوي في عموم العراق وكذلك في منطقة كردستان بشكل خاص بل انه حاول الغاء هوية الاقليم وتهجير أهله وغير ذلك من الممارسات العدائية التي أثرت بشكل كبير على الحياة الاقتصادية داخل الاقليم ، لذا يمكن وصف تلك الفترة بأنها الفترة الحرجة للقطاع الخاص في اقليم كوردستان ، الا أننا يمكن ان ننطلق من عام 1992 بوصفها الفترة المهمة في حياة هذا القطاع ونموه حيث ظهرهذا القطاع وأسهم في جعل الاقليم منطقة تجارية حرة بجانب التجار العراقيين ( من خارج الاقليم تحديدا ) والتجارالأتراك مع استفادة القطاع الخاص الناشئ من الخبرات الادارية للتجار العراقيين والأتراك ومن أموالهم في نفس الوقت .
أي أن بروز القطاع الخاص في الاقليم كان بعد انسحاب الادارات الحكومية بقرار من السلطة المركزية

.
4. حجب القدرات الادارية والمالية للقطاع الخاص الناشئ مع انسحاب للتجارسواء الأتراك ( أغلبهم ان لم نقل الجميع ) ، وتحويل تجارتهم نحو دبي وقبرص أو غيرها من الأقاليم والتجار العراقيين وتحويل تجارتهم الى الأردن وسوريا أو ايران
أين مكامن البروز للقطاع الخاص في اقليم كوردستان العراق ؟
نظرلأهمية قطاع التجارة الخارجية بوصفها قطاعا حيويا وحساسا من القطاعات المهمة بالنسبة لكل قطر أو بلد أو اقليم في العالم وخاصة بالنسبة للدول النامية ، ويتفاوت دور هذا القطاع في النشاط الاقتصادي من بلد الى آخر وذلك تبعا لأوضاع كل بلد من ناحية الموارد الاقتصادية المتاحة والحجم الاقتصادي للبلد ومستوى التنمية الاقتصادية الذي بلغه والنظام الاقتصادي المتبع ومدى ما يسمح به ذلك النظام من انفتاح على الخارج ولكن في العموم تلعب التجارة الخارجية دورا مهما في تنشيط الاقتصاد لكل بلد ، ويذهب بعض الاقتصاديين الى أبعد من ذلك ويعتبرون قطاع التجارة الخارجية كمحرك للنمو الاقتصادي لأي بلد ، وفي اقليم كوردستان يسهم هذا القطاع بنسبة عظمى في موازنة الاقليم من تحصيلات الضرائب الكمركية

المفروضة عليه.


لذا يمكن القول أن القطاع الخاص في اقليم كردستان ظهر وبشكل واسع في قطاع التجارة الخارجية خاصة بعد انسحاب السلطة المركزية من الاقليم في نهاية عام 1991 ، حيث فسح المجال لقيام هذا القطاع بعمليات تجارية واسعة النطاق لأن الاقليم أصبح منطقة تجارة حرة يتعامل فيها التجار مع الدول المجاورة لاستيراد بعض السلع والبضائع تحديد السكائر ومختلف المواد الغذائية وبعد المواد الانشائية أي قبل تنفيذ القرار ( 986 ) التي تغطي حاجة الاقليم ويتم تحويل كميات هائلة منها الى العراق مقابل الحصول على الوقود ( المنتجات النفطية ) وبعض السلع الأخرى وهذه الحركة التجارية أسهمت في تدعيم القطاع الخاص وبالتالي في تنشيط الاقتصاد الكوردستاني ككل من خلال تشغيل الأيدي العاملة الى جانب الحصول على الايرادات المالية عن طريق الرسوم الكمركمية على السلع والبضائع الخارجة والداخلة من والى اقليم كوردستان باتجاه العراق أو تركيا أو ايران مع استقطاب رؤوس أموال هائلة للتجار الأتراك والعراقيين والايرانيين التي كانت تعد بملايين الدولارات ، تكدست داخل الاقليم وفي خدمته

.
وعليه أسهمت التجارة الخارجية والانفتاح الاقتصادي للاقليم في بناء قطاع خاص ناشيء ، والتي تعمل على تراكم رؤوس الأموال لدى التجار من أهالي الاقليم ، كما أن احتكاك التجار المحليين مع التجار الأتراك والعراقيين أدى الى اكتساب خبرة تجارية عالية لهم سواء في عمليات التجارة أو اتخاذ القرارات التجارية أو عقد الصفقات التجارية وتنفيذها أو التعامل مع البنوك التجارية في تلك الدول وتحديدا تركيا التي قطعت شوطا لا بأس به في التجارة الخارجية

.



ماهي العوامل التي ساعدت على بروز وتطوير قطاع خاص في الاقليم ؟



يمكن أن نقول أن هناك العديد من العوامل التي ساعدت في ظهور القطاع الخاص في الاقليم وهي نفسها العوامل التي ساعدت على نهوض وتطوير القطاع الخاص في الدول المتقدمة بالشكل الذي يتماشى مع النظرية الاقتصادية وهي


• ظهور ميل الأفراد نحو الادخار في المجتمع جنبا الى جنب مع ميلها الى توظيف المدخرات في الاستثمارات المختلفة بدلا من اكتنازه كرمز للثراء أو كملجأ في أوقات الشدة وهذا ما تم تحقيقه على أرض الواقع في الاقليم ، وان خير مثال على ذلك ( السوبر ماركت ) في محافظة دهوك أو بناء الفنادق السياحية- الدرجة الأولى- وضمن هذه الظروف الصعبة من الناحية الاقتصادية

.
• استحداث وسائل ميكانيكية لتلبية رغبات المدخرين في تحويل مدخراتهم الى استثمارات ، وتأخذ شكل مؤسسات متنوعة ابتداء من الشركات التضامنية وصولا الى الشركات المساهمة العامة والخاصة وشركات التضامن بالأسهم ، وغالبا ما تبدأ هذه العملية بصورة فردية عائلية (مشروعا فرديا ) وهي صفة مميزة للقطاعات الخاصة


في العالم الرأسمالي في ادارة القطاع الخاص مثل ( روكفلر ، فورد ، موريس ، ميتسوبشي .. الخ ) ، فضلا عن غيرها من العوامل التي سيرت الاقتصاد العالمي الرأسمالي ، ونفس الشئ ينطبق على الدول النامية ونخص بالذكر الدول العربية ومنها عوائل لعبت دورا مهما منها ( بنك مصر وشركاؤه ، أحمد عبود وشركاؤه و الخامسيون في سوريا )

.
وهنا لابد من القول أنه في داخل الاقليم أيضا ظهرت نواة للأسر التي كان من المؤمل أن تصبح بمصاف السر العربية ان لم نقل العالمية.


ما هي المشاكل التي واجهت بروز القطاع الخاص في الاقليم ؟


ان القطاع الخاص في الاقليم نمى وكان قطاعا فاعلا بجانب القطاع العام ان لم نقل بأنه أسهم بحل الكثير من المشاكل الاقتصادية التي واجهت الاقليم ، الا أننا يمكن ان نقول أنه واجه مشاكل عديدة من أهمها وجود الشركات الكبيرة التي ظهرت بعد عام 1995 ، والتي سيطرت على كافة النشاطات التجارية وعملت على تراجع الأداء الاقتصادي بسبب سياستها وخاصة المسيطرة على تجارة بعض السلع الشائعة الاستعمال والتي دفعت التجار للانسحاب شبه الكامل من الاقليم وتحويل تجارتهم الى مناطق أخرى مثل قبرص وغيرها من مناطق التجارة الحرة ، ونفس الشئ بالنسبة للتجار العراقيين الذين حولو تجارتهم الى الأردن وبشكل أكثر فاعلية الى سوريا خاصة بعد فتح الحدود بين العراق وسوريا.
والمشكلة الأخرى هي عدم وجود سياسة كمركية تتميز بالمرونة والمطاطية بحيث تتمكن من جذب التجار أو على الأقل استمرار التجار السابقين والمحافظة على تلك الواردات التي نؤكد أنها المورد الرئيسي للاقليم مما شكلت خسارة كبيرة بالنسبة الى للاقليم حيث وضعت القيود على القطاع الخاص سواء بالنسبة لأهل الاقليم أو التجار العراقيين أو الأتراك كلها دفعتهم لتحويل تجارتهم من الاقليم ، والمحصلة كانت خسارة كبيرة أصابت الأقاليم وعمقت المشاكل التي يعاني منها الاقليم وخاصة زيادة نسبة البطالة .
هل كانت محافظة دهوك ( بورصة ) لاقليم كوردستان ؟


يمكن القول أن دهوك استحوذت على جميع العمليات التجارية ، وأصبحت مركزا انطلقت منه كافة التعاملات التجارية وأسهمت مساهمة كبيرة بوصفها منطقة تجارية مفتوحة كان لها دور ( البورصة ) في استكمال العمليات التجارية ، ووفرت للقطاع الخاص في الاقليم امكانات كبيرة في بناء المشاريع الاستثمارية أو الصناعية أي أنه تحول الى المرحلة الثانية وهي مرحلة بناء المشاريع الصناعية وبالشكل الذي أسهم في امتصاص القوى العاملة في الاقليم

.
ان وجود ثقافة أو نظرة اجتماعية مؤيدة للعمل الخاص يمكن عدها احدى العوامل الدافعة باتجاه بروز قطاع خاص في اقليم كوردستان ، هل تؤيد هذه الفكرة ؟

 
يمكن القول أن وجود نظرة اجتماعية لأبناء الاقليم بأهمية القطاع الخاص كانت احدى الميكانزمات الدافعة باتجاه تعظيم دور القطاع الخاص في تنشيط الاقتصاد الكردستاني ، اذ أن النظرة كانت تتمحور حول ان القطاع الخاص سيؤدي بالتدريج الى تركيز أدوات الانتاج لدى قلة من أبناء الاقليم ينالون حصة عالية من الدخل القومي وتكون غير مناسبة مع أعدادهم القليلة بينما تظل حصة الجمهرة الكبرى من السكان العاملين والموظفين والفلاحين حصة صغيرة وغير متناسبة مع أعدادهم الوفيرة ، حيث يعتقدون وبشكل خاطئ بأن القطاع الخاص هو السبب وراء هذا التوزيع غير العادل فيدعون الى الغاء الملكية وتحويلها الى ملكية عامة أو تعاونية وهذا خطأ كبير وقعت فيه أغلب الدول النامية ومنها العربية عندما لجأت الى عمليات التأميم ( ليس الخاصة بالنفط بل التأميم الخاص بنشاطات القطاع الخاص )
لذا يجب ألا نعيد التجربة الفاشلة لأغلب الدول النامية ومنها العربية تحديدا بالاعتماد الكامل على القطاع العام في الحياة الاقتصادية الذي لم يوفر المرونة اللازمة في المجالات كافة فمثلا أهم ما تواجهه القطاعات العامة في مجال انتقاء المديرين المفاضلة ما بين الولاء السياسي أو التظاهر العقائدي وبين الكفاءة وحسن الأداء ، ولقد أظهرت التجربة خاصة في الدول العربية .. ان المناصب تخصص للحزبيين والعقائديين مما يجعلهم في عملهم أحرص على ارضاء المشرفين على تلك القنوات من التزام القواعد المسلكية والادارية اللازمة لحسن الأداء ، وفي نفس الوقت فان هذا الأسلوب في اختيار المدراء يخلق تنافسا سياسيا عنيفا وبالأخص اولئك الذين لايرغبون في أخذ مواقف سياسية أو حزبية تتعارض مع قناعاتهم الذاتية .
وعليه يمكن القول أن القطاع الخاص له أهمية ودور كبير في تنشيط الحياة الاقتصادية في العراق ، ومن خلال تجربة اقليم كوردستان يمكن أن نستفيد من تلك التجربة في بناء قطاع خاص عراقي لأنه من الأجدر من الناحية الاقتصادية خاصة بعد ان ثبت فشل القطاع العام أن يكون هناك قطاع خاص عراقي وأن يفسح له المجال لكي لا تهمل امكاناته المادية والادارية ، وهذا واضح في الكثير من تجارب الدول الرأسمالية المتقدمة حيث بدأت وانطلقت من ما يسمى بمدرسة التجاريين اللذين كان لهم الدور الرئيسي والحاسم في بناء الاقتصاد الرأسمالي أكثر من ثلاثة قرون من الزمن