- الرسائل المتبادلة بين عبد المجيد لطفي والأدباء
إضاءات لشخصية أديب متعدد المواهب غزير الأنتاج
نجاح هادي كبة-بغداد
من آثار عبدالمجيد لطفي مجموعة من الرسائل الأدبية والثقافية المتبادلة بينه وبين الأدباء والكتاب العراقيين والعرب. وقد عبّرت تلك الرسائل المبعوثة للكاتب والشاعر عبد المجيد لطفي عن أرق الأمنيات الشخصية له بتحقيق كل الأماني، كما عبّر بعضها عن مواساته بوفاة ولده "زيد"، والملاحظ إن الرسائل المبعوثة إليه أو التي حصلت على جوابه عليها، لم تكن شخصية بحتا فقد تناولت هموماً أدبية وثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وركزت بالدرجة الأساس على الواقع الأدبي في العراق أو الوطن العربي أو ما استجد فيه من كتب جديدة ألفها باعثو الرسائل أو غيرهم وما رافق ذلك من مشاعر ودّية في عملية إهداء تلك الكتب من أحدهم للآخر، وأثنت تلك الرسائل على قدرة عبد المجيد لطفي وموهبته ونشاطه في الساحة الأدبية في العراق والوطن العربي وتناولت الرسائل المبعوثة إليه من بلاد الغرب الروح الوطنية والقومية والدينية للمغتربين ودفاعهم عن العروبة والإسلام، إذ تناولت رسالة د. صفاء خلوصي الأولى بالشرح والتفصيل قضية العرب والمسلمين: العادلة "قضية فلسطين" كما استنكرت الهجوم المعادي على شخصية الرسول الكريم (ص) والموقف الحازم للمغتربين في الدفاع عن الإسلام والعروبة.
وهاجمت الرسائل المبعوثة للطفي ايضا زيف الديمقراطية الغربية والعلاقات الاجتماعية في الغرب.
إن الرسائل المتبادلة بين لطفي وأصدقائه قد ركزت أيضاً على تفقد أحوال الأدباء معزين إياه بوفاة أحدهم من رفاقه وأصدقائه في المسيرة الأدبية والثقافية كما ناقشت تلك الرسائل موضوعات قد طرحت بين لطفي وأصدقائه وعن رأيه في الموضوع المطروح سواء أكان أدبياً أم دينياً.
الرسائل المبعوثة للطفي
1- رسالة من ابي صدى (د. صفاء خلوصي) من بريطانيا عام 1977
باقة الادب الاستاذ الكبير ابا سعد حرسه المولى وادام لنا رفيع ادبه مع تحيات طيبات مباركات مقرونة بالدعاء بموفور الصحة والعافية، رسالتكم المؤرخة في 9/8 ادركنا يوم9/9 الى انها امضت شهرا كاملا في طريقها الينا ولاعجب فانها كانت تنوء تحت عبء ادب مثقل بروائع التعبير. على كل حال البريد هنا سئ والهواتف اسوأ وقد قامت ضجة هائلة مؤخرا لاصلاحها وعلى اثرها استقال رئيس مجلس ادارة التلفونات في الحال وهذا اقل ما يمكن اجراؤه لايقاف سخط الراي العام. لاادري اذا كنت ذكرت لك في رسالة سابقة اني كنت مدعوا من قبل اتحاد المؤرخين العرب لحضور ندوة حطين بدمشق وقد حضرت والقيت كلمة فيها بعنوان حطين هل تتكرر المعجزة التاريخية؟ وقصيدة بخمسة وسبعين بيتا عن صلاح الدين.
ومن الغريب ان الجواهري لم يشارك في الندوة بل رحل صبيحة الندوة قاصدا براغ فاستغربت تصرفه هذا وكنت اتوقع ان يشارك ولو ببضعة ابيات ان كان حقاً يؤمن بمستقبل كرامة هذه الامة قضية فلسطين خاصة وقد جعلت حضور العراق واضحا في الندوة كل الوضوح عندما قلت:
انا ابن دجلة كم اظما الى بردى
فهل ترى بردى بالعذب يرويني؟
وكذلك عندما اشرت الى الاصل العراقي لصلاح الدين
وديعة من هضاب الرافدين هنا
نصب الوفاء ورمز الرفق واللين
وفي خطابي لدمشق
يا اخت بغداد انا معشر نجب
عند الشدائد نغدو كالشواهين
وختمتها بقولي:
يا خالد الذكر جبار السلاطين
حطين اخرى ستأتي بعد حطينّ
وكان وقعها عظيما في نفوس المؤتمرين وهذا ما اردته وحققته والتوفيق دائما من عند الله والحق ان عبقرية صلاح الدين الملهمة كانت السر في نجاح القصيدة.
ودمتم بخير وعز وعمر مديد حافل بجلائل الروائع الادبية الاسرة كلها تقرئك السلام وتزجيك التحية
المخلص دائما ابو صدى
2- رسالة من خالد الجادر/من الباكستان/عام 1985م
أخي العزيز
تحياتي القلبية
توصلت برسالتين منك وسررت بهما كثيراً. كان ذلك في الوقت الذي كنت أعد العدة لمعرضي الذي سيفتتح غداً في إسلام آباد وسأعرض فيه 31 لوحة، سأكتب لك عند عودتي إلى الرباط.
أرجو لك كل الخير والتوفيق مع ألف تهنئة بمناسبة العيد الثاني والثمانين والذي أرجو أن تحتفل بعيد المائة.
مع أخلص تحياتي وتمنياتي بالصحة والسعادة.
تحاتي للأخ الدكتور شاكر (كذا) (واظنه القاص شاكـر خصبـاك)
المخلص خالد الجادر
3- رسالة د. سعيد علي/من نيويورك/1988م:
عزيزي الأستاذ الكبير عبد المجيد لطفي المحترم
أوجعني إن "زيدون" قد مات فإني أشعر إني ملهوف كأني الساعة في دارتكم أكابد من الرزيئة التي توغلت في قلوبكم. ولست أدري لم كان يكابد في شبابه من أوجاع وهموم ورطته في الأسقام الطاغية والباغية على قلبه. والباقي منه في بالي انه كان فتى رصيناً يزن قوله وفعله في ضوء ما أتيح له من ذكاء. ف
قد كان قليل الكلام وكان وجيز قوله بليغاً ونافذاً. وقبل سنين سمعت بالهاتف من صديق لي ببغداد إن "زيدون" يحرر المقال بعد المقال في جرائد بغداد وانه كان "زيد خلوصي" لا "زيد عبد المجيد لطفي".
والحق انه لم يصل إلى شيء من تلكم الجرائد المنشورة فيها خواطره فحرمت الوقوف على قريحته. والذي يحيرني إني لا أعرف لماذا اعتلت أعصابه فأنهدّ بدنه إذ كنت أحسب أنه قوي الأعصاب فرط ما كنت أرى فيه من رزانة. أأقول لك إني أعزيك. أأقول إني أأسّيك. ما التعزية وما التأسية. ذلك بأنك ثاكل لا يأسو جراحك مرهم وأي جرح هو هذا الجرح يموت زيد بعد أن سيق إلى دهاليز العذاب فلا تراه كما كنت تراه في البيت وتراه راقداً في جوف الأرض بعد أن صار رجلاً بلغ أشده. إن الحياة هي البؤس الشديد لأنها الجحيم. ومن ذلك البؤس إن لها خاتمة وإن الخاتمة الموت. أرجوك أن تستبدل بقولك إن المجتمع قد ظلمه البكاء عليه فهلا تبكي الآن على زيد الراقد في القبر الملفوف بالكفن المكفوف عن الحركة. ولقد يكون زيد قد استراح لما غادر هذه الدنيا إذ تخلص من نيرانها التي كان يحترق بها فلاذ باللحد الآمن فغنم الأمان. وددت لو جمّعت قريحته في كتاب تصدّره بما تروي فيه حكايته فتصير إلى مأساته. ولا طائل في هذا بأنه لا يضمد الجراح. ذلك بأن "زيد" قد مات ولا صاد لطغيان الموت. أشرت إليهم واحداً بعد واحد إلا "أم سعد" فهل لي أن أسألك أين هي فإني أطوي لها من المودة والشكران ما يجعلني أتذكرها دائماً فهي التي تقريني كلما تشرفت بكم في بيتكم وهي التي كانت ترحب بي بقولها: "أهلاً يا خالة". ف
أين هي الخالة وكيف هي، خبّرني وتغافل عما يلويك عنها فأنها الأم الرؤوم التي ربت أولادها وحنت عليهم فإن تقل لها: "سعيد يحييك تجد عليّ بمكرمة وانه ليؤذيني أن أسمع إنها في سوء". ما قالته فيك هو الحق كله لا ربعه كما تقول. ولأنك لم تفطن لكل مزاياك خلت قولي مديحاً عالياً. ومزاياك هي التي صاغت منك رجلاً فذاً فريداً هو نسيج وحده في دواعي المروءة. سألتك أن تكرمني بنسخة من قصصك لأني أتوق إلى أن أقرأها ولان سوسن تحب أن تقرأها أيضاً. وسوسن التي تعتز برباعيات "خليج المرجان" بعد أن، فسرت لها معانيها أخذت تستظهر طائفة منها. ومن ذلك قولك:
سألت القرد هل حقاً
أنا الإنسان من قرد
فقال القرد محتجاً
أظن العكس يا جدي
وهو يجعل من الغوص في أغوار الحياة ما يجعل الرباعية مظهراً بارعاً من مظاهر الفلسفة. ولان سوسن تعرف "أرنست همنغواي" بعد أن قرأت قصصه ومرت ببيته في شيكاغو، ثم لأني قلت لها إنك تفوقه بالدراية تراها تائقة إلى أن تقرأ وإن كان حظها من العربية ضئيلاً لا يستقيم إلا بأن أعينها على الفهم.
صحيح هو قولك في نيويورك هي المدينة الكبرى التي تكتظ بالقراصنة والمجرمين من القتلة السفاحين واللصوص الطامعين ممن هم حثالة الأرض ومسوخ الطبيعة. وأنا وابنتي نعيش في شقة مكتراة في محلة مخيفة بنيويورك اسمها Bronx إذ تزدحم بألوف مؤلفة من المجرمين الفتاكين من الزنوج والأسبان الآتين من أمريكا اللاتينية ومن الإيطاليين وغيرهم من الأوباش وربما رفقت بنا الحياة إذ جعلتنا وسط "الحي الإيطالي" Little Italy من Bronx فهو حي مصون بالإيطاليين لا يجرؤ مجرم على أن يعتدي فيه على أحد. وإنما اضطررنا إلى هذا المسكن لأنه قريب جداً من جامعة Fordham التي تدرس فيها سوسن. وجامعة Fordham المؤسسة قبل مئة وخمسين سنة بـ Bronx هي الفضلى بنيويورك لذلك كانت هي الغالية فهي تقبض منا خمسة آلاف دولار عن كل أربعة اشهر أي إنها تقبض منا خمسة عشر ألف دولار في كل سنة لان سوسن تدرس في الصيف أيضاً ومن ديدن الجامعة الأمريكية إنها لا تنقطع عن التدريس في الصيف.
وأياً كان الأمر فنيويورك غابة تحوي من البشر ما تحوي مما لا أحب القول فيه أو فيها. وما في هذا الكلام ولا في غيره عبرة والعبرة في أن نقول من غير أن نركن إلى "العلمانية" أو "المثالية" إنا أقل شأناً من البعوضة فـ "العلمانية" و "المثالية" من أقاويل الغافلين عن أن الموجودين في الأرض محكومون بالعذاب. ولا ينفع السجين ركونه إلى الأقاويل فلا المفاتيح في قبضته ولا القاضي يهتم بأمره. وحينئذ ندرك أن لا حول ولا قوة وانه لا ملاذ ولا مستغاث وأنا أقول دائماً إني استجير بك يا الله لأنه لا مجير لي غيره. "العلمانية" تساوي "المثالية تماماً فكلتاهما فراغ. ولا يتدخل الله في أمور الناس فالظلم والشر من الناس، وما كانت قوة الناس بقوة وإن شمخر الناس ذلك بأنهم أقل شأناً من البعوضة يأخذهم الله بغتة فإذا هم مبلسون. أحببت أن تكون لي نسخة من كتابك في الإمام علي مع إني ادري انه قد طبع قبل عشرين سنة. جاءتني رسالتك بعد واحد وثلاثين يوماً وأنا حريص على أن تكون موفور العافية، ولابد لي من أن أصير إلى هذا إني قرأت رسالتك مراراً لا لأنها منمقة بالخط الجميل فحسب وإنما لأنها ذلك الأدب الرفيع المهدي ثروة الأدب فشكراً لك تجود عليّ بهذه المكارم. أقبَّل يدك الكريمة وأسلَّم عليك.
4- رسالة من عدنان رشيد من السعودية عام 1985م
الاخ العزيز الاستاذ عبد المجيد لطفي
تحية حارة/
استلمت رسائلك ووجدت فيها روحك الشابة وكنت تكتب لي ونحن طالبان في الثانوية نتبادل الطموحات والاراء والهموم فالسنوات الطويلة اكسبتك خبرة طويلة وان يخطئ من يظن بان السنوات الطويلة تضعف المخ وتجعل من صاحبها ضئيل التفكير فانت اثبت العكس وكما يقول الالمان ان العمر لا يقاس بالسنوات الكثيرة بل بمدى خفقان القلب وسلامته..
ولذلك اتمنى لك الصحة على الدوام وان تبقى روحك المرحة لتسعد الملايين من القراء ومن المستمعين الى اقاصصيك من اذاعة لندن فكم هي اقاصيصك جميلة وتشد الانسان الى الاحداث وتجعله واحدا منها يعيشها معك. اتصلت مرة بالتلفون بصديقي القديم (منير رزوق) الصحفي القديم في العالم العربي 1949م وكان يحرر في الجمهورية والان متقاعد بسبب الجلطة اتصلت به بالتلفون مرة وتحدثنا عن ذكرياتنا الصحفية وقال لي اين تكتب الان؟ فقلت له اكتب في الجزيرة السعودية والرأي العام الكويتية ومجلة التقني عندكم!!.. وقال ما الذي دلك على التقني..؟
ولعلك اصبحت مثل عبد المجيد لطفي يكتب في كل وسيلة اعلامية تقرأ مهما كانت.. قلت له لا يهم فالكاتب يريد ايصال رأيه للاخرين ويحاول ان يعلمهم وضحكنا.. انني سارسل لك بعد مدة نسخة من كتابي الثاني الذي فيه اشارة الى ادبك (دراسات في علم الجمال).. كما اني منهمك الان بانجاز كتابي الثالث.. الديالكتيك في مسرح برشت التقيت مرة برئيس تحرير العالم العربي في الخمسينات الاخ لطفي بكر صدقي وتحدثنا عن جريدته ايام زمان وعادت بي الذكرى الى ايام التلمذة يوم كنت اكتب فيها واقابل لطفي بكر صدقي انذاك وكم كان الحديث ملذا وممتعا.. تصور يا استاذ عبد المجيد كنا في الصغر ننشد نشيدا يقول احنه العرب ما ننغلب نقرة الكتب ولكن اتضح ان من يقرأ عندنا هم في عدد الاصابع وللاسف ان موشي ديان قال عام 1967م بان العرب امة لاتقرأ فهم يكدسون الكرستال والاثاث على اقتناء الكتب، وزوجتي خريجة جامعية وانا درّستها ولكنها اندمجت مع هذا التيار الذي يجعل الانسان يدخل في مباراة لاقتناء للكماليات لاغاضة الاقارب والاصدقاء بكثرة مايملك.. وزوجتي قالت لي مرة.. انا متزوجة (بارضحلجي..) ينشر ويؤلف كتبا فلو كنت متزوجة بمقاول امي لكنت اليوم ساكنة في دار فيها مسبح وخدم تصوّر.. ولكني اجبتها.. من يا ترى يبني الوطن هل الاميون ام اصحاب القلم؟.. الحضارة لا يبنيها الاميون بل اصحاب الراي والعلم.. ولذلك فان تطور العراق يعود الى اتساع رقعة التعليم فيه وليس كثرة الامية.. كيف كان حالنا عام 1950م عندما لم تملك جامعات حينذاك.. ولعلك تذكر يا استاذ عبد المجيد او الاخ عبد المجيد.. باني سمعت وهذا دليل الجهل.. بان كاري الكاظمية افلس عام 1934م وتفتق ذكاء احد الموظفين في الكاري عن ابتكار حيلة لزيادة ارباح الكاري واسترداد الخسائر فاخذ معه رجلا ادعى انه اعمى وطلب منه ان يزور معه الكاظم ثم اخذ يصرخ بان الكاظم ازال له العمى وفتح له عينه وسرت الاشاعة او الخبر الى العراق وتقاطر الناس الى الكاري للوصول الى الكاظمية وامتلأت خزانه الكاري واسترجع خسارته؟..
هذا الشئ لن يحدث اليوم لان نور العلم والحقائق نفذت الى اذهان الناس وسرت في دمائهم..
أني احتفظ باوراقي بصورة لك وانت تبدو في الثمانين ولك لحية بيضاء اقتطعتها من جريدة الراي العام الكويتية.. انها صورة ذكرتني بهنغواي لانك تبدو مثل همنغواي بلحيتك البيضاء الجميلة.
ارسل لك نسخة من مقال لي عن المرأة العراقية احدث لي هنا ضجة وخرجت من هذه الازمة منتصرا اذ ان رجال الدين هاجموني في المساجد لاني تحدثت عن السفور في العراق ولكن هذه الظاهرة عمت كافة اقطارنا وسارسله لك بعد اسبوع من هذه الرسالة..
الحديث طويل وممتع معك فإذا كان اللقاء معك اليوم صعبا فالاجدر ان نكتب لك.
لماذا لا تنشر قصصك القصيرة التي نشرتها واذيعت لك من الاذاعات..؟ انها ممتعة جدا ولا يختلف اسلوبها عن اسلوب جيكوف.. وزارة الاعلام عندكم تشجع النشر لاسيما للكتاب القدامى..
ارجو ان نسمع عن صحتك الدائمة ونتمنى لك السعادة ودمت.
كتبت الى خالد الجادر واخبرته باني اتبادل معك الرسائل كما ارسلت للرأي العام مقالا عن معرضه من 1-6 ايلول في اسلام اباد وسارسله لك عند نشره.
5- رسالة من ماجد ذيب غنما ايضا الاردن عام 1987
الاديب الكبير الاستاذ عبد المجيد لطفي الاكرم
تحية مخلصة
قبل ايام تلقيت من الاستاذ ذي النون ايوب رسالة مع كتابين من كتبه من الجزء السابع من قصة حياته وروايته حوراء ويقول الاستاذ ايوب في رسالته انه اثناء وجوده من بغداد لم يتهيأ له لقاء الاخ عبد المجيد لطفي لعزلته ولكنه على صلة بابن اخيه د. صفاء خلوصي. لقد بينت اليكم بالجزء الاخير من (المجلة الثقافية) التي تصدر عن الجامعة الاردنية وفيها قصيدتي عن ديوان كرار كنت قد بعثت بها اليكم وقد حذفت الرقابة بعض ابياتها.. ارجو ان تكون المجلة قد وصلت اليكم.
قبل ايام فقرر عقد مؤتمر وزراء العدل العرب لهذا العام في عمان ومعنى ذلك اننا في الوزارة سوف نكون في شغل شاغل للاعداد لهذا المؤتمر الذي يعد في رأيي من افشل المؤتمرات ومن اكثرها فشلا للاوضاع العربية.. واكثرها شبها بالجامعة العربية وما يتفرع عنها من لجان ومؤتمرات ومؤسسات انه معرض فاشل فاشل.. وكان الله في العون. في رسالة قادمة سابعث اليكم باخر قصة كتبتها لمعرفة رأيكم بها قبل الحاقها بالمجموعة الثالثة.. احس هذه الايام يرغبه شديدة لاتقاوم في قراءة الشعر وقضاء وقت طويل يوميا مع ديوان شوقي او القروي واشعار مطران وابي ماضي واخرين.. كأمين نخلة.. ترى ما هو السبب وهل هي عود على بدء كما انني اكتب شعرا بين الحين والاخر.. تأخر انشاء محكمة العدل العليا لاسباب مادية ومعنى ذلك انني سابقى في وزارة العدل شهورا طويلة اخرى.. عاد الاولاد من دمشق بعد امتحانات نصف السنة ونحن نمضي معهم اوقاتا ممتعة وقد قراوا رسائلك تلك التي تتحدث فيها عن جدهم الاعلى (الاله فش) واحسّوا بشئ غير قليل من الفخار والسعادة.
الجميع يهدونكم اطيب تحياتهم واسلموا للمخلص.
ب- الرسائل التي بعثها لطفي للادباء والفنانين:-
لم اعثر من تلك الرسائل سوى هاتين الرسالتين:-
1- رسالة عبد المجيد لطفي من بغداد الى شاكر حسن آل سعيد عام 1988.
الأستاذ شاكر حسن آل سعيد المحترم
تحية طيبة وبعد فقد قرأت كلمتك الرقيقة العاجة بالتاريخ والمصطلحات عن الأستاذ الرائد التشكيلي الخالد خالد الجادر بمناسبة رحيله إلى أخراه.
وأقول الحق إنني أعجبت بعمق الدراسة ومراحل التطور لدى الفنان الراحل وتقويم تلك المراحل بصورة نموذجية من الدقة وأصالة البحث ولكن بعيداً عن كل ذلك توحّد عندي رأي واحد يكاد يكون قناعة من إن بعض جوانب البحث تحوّل الفنان التشكيلي إلى آلة فوتوغرافية بإناطة شكل الفكر للمنظر الطبيعي أو الصورة المحاكاة أو الصورة النموذج ذلك أستاذ شاكر إن الرسم خلق فكري تحت عوامل عاطفية لا يكترث بالنموذج، الجبل أو البحر أو الضباب إلا بمقدار المساحة المطلوبة، توضع روح الفنان وفكره في اللوحة المرسومة من الدقة في التعبير المتأتي من عدة تجارب ورؤى سابقة تغير بالضرورة حالة الفعل الإبداعي في قمة التشكيل عملياً. أستاذ شاكر إنني اعجز عن أن أكتب بمستواك أو بنصفه فهذا اختصاصك القائم على ذكاء فكري متفتح ولكن ما كسبت من الكلمة هو ما نوّهت به لئلا افقد الفارق بين آلة التصوير وفرشاة الفنان التشكيلي الذي يطفح كل جزء منه بنبض متواصل لاستيراد التجارب إلا في حالة رسم الوجود وما يراد له أن يكون طبق الأصل.
وعندي وأقول هذا بتواضع انه عبقرية الدكتور الجادر، تبرز أكثر ما تبرز في التخطيطات بالحبر الصيني فهناك عبر اللون الواحد نجد من هو خالد وماذا يرسم على الخطوط التي يزداد جمالها بالتقاطع. وحتى في هذا يجانس الشكلية النموذجية في رسم واجهات الدور العتيقة والحوانيت والأبنية الأثرية المهجورة وحتى أنقاض الخرائب رقة. وباعتقادي إن الاستفزاز التي تستفزه فيه المرئيات هي التي حببت إليه التخطيط باللون الواحد لأن الصورة الماضية المعيشة في الذهن تنهال عليه دون رحمة ليتحول الخط إلى حياة فياضة بالإيحاء وهذا يرد في الأدب أيضاً فحين تنهال الذكريات والحوادث السابقة على ذهن الأديب يلجأ إلى السرعة لأنه يلاحق أشياء يمكن أن تهرب. وعندي إن تخطيطاته قصائد مطبوعة بالحبر وبدم القلب وقلب خالد الكبير اتسع للكثير رحمه الله.
وفي النهاية أرجو أن تجد لي عذراً فيما أخطأت فإنما ذكرت في هذا إطار من القراءة وللكلمة أحياناً بالانحراف عن القصد لضعف في المعرفة فتكون أنت على حق ويكون لي عذري في تجاوزي على حكم صائب وقع تحت تسرعي ووهم الفهم السليم. دمت فناناً ومفكراً ومنظراً ما أحوجنا اليك.
2- رد عبد المجيد لطفي على رسالة لشاكر خصباك
قصاصات
في رسالة من الدكتور شاكر خصباك الأستاذ في جامعة صنعاء سؤال أحرجني فقد قال: لماذا لم اعد أقرأ لك ما يجب أن تكتب في مجلة "النهضة" وزودني بقصاصة واحدة مقتطعة من المجلة ولا أدري لماذا اسأل الدكتور خصباك هذا السؤال، وهو يدري كم من الأمزجة الرسمية وغير الرسمية يجب أن يرضي الأديب قبل أن تظهر كلمته للنور! ويبدو ان اجابة لطفي على رسالة خصباك على شكل مقالة منشورة (لم يذكر تاريخ الرد على الرسالة، كما لم اعثر على اسم المجلة التي وردت فيها الرسالة ضمن تلك المقالة) مما جاء فيها
توقفت قبل أيام أمام حانوت سمكري كان يعمل في لحام حنفية نحاسية في إبريق وإذ أمعن في تنظيف قطعتي اللحام سألت، لقد بالغت في الحك! فابتسم بوجه متعب وقال: لو لم أنظف البقعتين جيداً وبصورة كاملة لفشل الالتحام لان "الوساخة" تقف حاجزاً بين التئام القطعتين، وفجأة فهمت القضية الكبرى فعرفت معرفة واقعية لماذا لا يلتئم العرب ولماذا لا يلتحمون!؟
إن كل جديد في الأدب مفاجأة مثيرة للقارئ العربي كل ذلك بسبب كثرة ما يقرأ من عتيق مكرر ومن جديد مسروق من الغرب دونما إشارة إلى المصدر..!أقول هذا لأنني وقعت في تجربة فكتبت رواية بعنوان "أفكار مستعارة" ولان فكرة الرواية كانت جديدة تماماً فلم أجد لها من ناشر أما على النطاق الرسمي فقد رفضت من قبل أكثر من خبير يقرأ ويجيز.. ثم يهاجمون ما يدعونه بالكلاسيكي والقديم