عمان - عبد الجبار العزاوي:
المال
السايب يشجع على السرقة " ربما هذا المثل البغدادي قد طبق فعلا على مئات
القطع الاثرية والتاريخية النادرة ، التي نهبت من المتاحف والمكتبات
الوطنية ومن مئات المواقع الاثرية في العراق، منذ سقوط نظام صدام في نيسان
2003 وهربتها شبكات تجارة الاثار المسروقة،المحلية والاقليمية والعالمية
،من خلال اعوانهم من العراقيين والوسطاء العرب الذين نقلوها برا عبر الدول
المجاورة للعراق وتفننوا باخفائها.
فخلال العامين
المنصرمين، تم ضبط 1347 قطعة اثرية نادرة من بين 15000 قطعة اثرية كانت
مسجلة جزءاً من مقتنيات المتحف الوطني العراقي في بغداد، اضافة الى بعض
المواقع الاثرية التي جرى تنقيبها التي سرقت عشية سقوط نظام صدام وهروب
حراسها في غياب حماية سريعة وبديلة من قوات التحالف.
ثمة عمليات سرقة منظمة قادها نفر من الدائرة الضيقة
التي كانت تحيط بصدام وعلى رأسها ارشد ياسين والذي كان يعد " السمسار"
الاكبر لتجارة تهريب الاثار العراقية، وما حديث الطائرة المبرّدة
السودانية ببعيد التي كانت تأتي باللحم السوداني " كمساعدات للشعب " وترجع
بعشرات القطع الاثارية مخبأة داخل ثلاجتها لتحول فيما بعد الى بورصات
التجارة الممنوعة.
وحسب احصائية رسمية صدرت عام 2002 فأن عدد القطع الاثارية المفقودة من المتاحف العراقية بلغت 4000 قطعة.
وما
حصل للمتحف الوطني العراقي في بغداد بحسب ما اعلنته اليونيسكو لاكثر من
مائة موقع اثري عراقي تعود لفترات تاريخية متعددة في بغداد وبابل وسامراء
واور ونينوى ومدن تاريخية اخرى مازالت وحتى هذه اللحظة تتعرض لعمليات نهب
وتخريب مستمرين بينما وصل عدد القطع المسروقة الى اكثر من 170الف قطعة لم
يضبط منها حتى الان سوى مايقارب الثلاثين الف قطعة ذلك داخل العراق والدول
المجاورة وبعض الدول الاوروبية.
من جهتها اكدت دائرة الكمارك العامة
الاردنية على لسان الناطق الاعلامي فيها عزمي مسامر ان الدائرة اتخذت
الاجراءات الفاعلة لمنع تهريب الآثار العراقية عبر الاردن واهمها استنفار
ملاكات الدائرة العامة في المراكز الكمركية والمطارات وخاصة مركز كمرك
الكرامة "المقابل لطريبيل" للعمل على ضبط الآثار وحشد التأييد الدولي في
مجال مكافحة تهريب الآثار من خلال عقد ملتقى اقليمي تحت عنوان" دور
الكمارك الاردنية في حماية الملكية الفكرية والحضارية العراقية واهمية
تبادل المعلومات اقليميا في هذا المجال.
واضاف مسامر تشارك الدائرة في
عضوية فريق العمل الدولي عن منظمة الشرطة الدولية "الانتربول" لتعقب
ومكافحة سرقات وتهريب الآثار العراقية، كما استضفنا الاجتماع الثاني لفريق
الانتربول لمكافحة التجارة المحظورة في الآثار العراقية المسروقة، ونظمت
الدائرة مؤتمرا اقليميا مفتوحا حول الآثار العراقية المسروقة بالتعاون مع
الانتربول.
واكد مسامر ان مجموع عدد القطع الاثرية التي تم ضبطها بلغ (1615) قطعة حتى الان.
وفي
حال ضبط اية قطعة اثرية فان دائرة الكمارك، "كما اوضح مسامر" تحتفظ على
بتلك القطعة لحين الكشف عنها من قبل خبراء الآثارمن قبل دائرة
الآثارالعامة وتنظيم قضية كمركية بحق المتورطين قبل تسليمها الى دائرة
الآثار العامة لحفظها لحين اعادتها الى العراق عندما تسمح الظروف
بذلك.الاردن وحرصا منه على حفظ وصيانة التراث العراقي الذي هو جزء مهم
واساسي من الارث القومي والميراث الحضاري الانساني استنفر جميع الاجهزة
المختصة وعلى راسها دائرة الكمارك العامة وامن الحدود ودائرة الاثار
العامة لضبط اية قطعة اثرية مسروقة يحاول اللصوص تهريبها عبر الحدود إذ تم
ضبط 1615 قطعة وتحفة اثرية.حتى الان لا يمكن تقدير قيمتها ماديا و تتفاوت
اهميتها التاريخية الا انها تعود لفترات مختلفة تمتد من العصر الاكدي و
السومري و حتى العصور الاسلامية و الكثير منها يؤرخ لبداية ظهور النشاط
الحضاري للانسان في ارض الرافدين . و تحتوي الرفوف داخل مراكز الكمارك
الاردنية على العديد من المقتنيات الفنية و الشخصية التي نهبت من القصور
الرئاسية ، و منازل المسؤولين ، و الدوائر العامة عقب الفوضى التي خلفها
الانهيار السريع للنظام المقبور.و معظمها ذات قيمة معنوية ، اكثر مما هي
مادية . لكن الاردن الذي يشترك بحدود صحراوية متداخلة لمئات الكيلومترات
مع العراق ، اصبح مضرب مثل من قبل الدول العالمية واليونيسكو من ناحية
ريادته في مكافحة تهريب الاثارالعراقية لا سيما انه من اهم محطات التهريب
بسبب موقعه الجغرافي. ومما يزيد المشكلة تعقيدا غياب الآلات الحديثة
واجهزة التفتيش الالكترونية التي تعتمد على تصوير الاشعة، لتساند رجال
الكمارك على الحدود، الذين يعملون في ظروف نفسية ومناخية صعبة بسبب طبيعة
تقلبات الجو الصحراوي و الزوابع الرملية التي غالبا ما تحجب الرؤية.
و
على رغم ذلك، يعتبر اداء دائرة الكمارك الاردنية نموذجيا، اذ احتل الاردن
المرتبة الاولى من بين دول الجوار من ناحية ضبط المهربات الاثرية الفنية
العراقية لتسليط الضوء على اهم القطع الاثرية العراقية المضبوطة و
المحفوظة في مستودعات دائرة الاثار العامة كما نتعرف على الاجراءات التي
اتخذتها دائرة الكمارك العامة لمنع عمليات تهريب الاثار العراقية عبر
الحدود بالتنسيق مع السفارة العراقية في عمان وحفظها عن طريق دائرة الاثار
العامة.
أكد امين عام مستودعات دائرة الاثار العامة الاردنية احمد
الشامي ان القطع الاثرية المحفوظة لا تقدر بثمن و تعود لفترات تاريخية
موغلة بالقدم و تجسد اهم الحضارات التي مرت على ارض الرافدين كالحضارة
الاشورية و البابلية و الاكدية و الكلدانية و العربية بجميع مراحلها
التاريخية، و يضيف الشامي " اهم ما تم ضبطه مجاميع من الرقم الطينية التي
تؤرخ للحضارة الاشورية و كتابات مسمارية و مسكوكات برونزية و ذهبية تعود
للعصور الاسلامية و ادوات فخارية مزخرفة و تماثيل برونزية تعود لعدة مواقع
اثرية عراقية تم العبث فيها و نبشها و البحث عما تحتويه من دفائن او تمت
سرقتها مباشرة من متاحف العراق و اهمها المتحف الوطني ببغداد حيث تحمل بعض
القطع ارقام تسلسلية ورمز المتحف الوطني العراقي (م . ع ) â.
واضاف اهم
ان القطع المضبوطة لوحة العاج العائدة لسرير الملك الاشوري " اشور بانيبال
التي تمثل مشاهد صيد و آلهة و توجد قطعة اخرى مشابهة لها ما زالت مفقودة و
هي ضمن القوائم التي اعلنت عنها منظمة اليونيسكو كاحد اهم القطع المسروقة
و تم التعميم عنها عن طريق الانتر بول.و يشير الشامي الى استقدام فريق
ايطالي لتدريب ملاكات عراقية على ترميم القطع الاثرية و توثيقها مبينا ً
ان عملية ترميم القطع المضبوطة التي تعرضه بعضها للتلف لم تبدأ بعد وانها
ستتم بالتنسيق مع خبراء و علماء اثار عراقيين و اجانب كما ان بعض القطع
تمت معالجتها الى حين اجراء عملية الترميم الشاملة.
من جانبها تضطلع
دائرة الآثارالاردنية العامة بالدور الاساسي في عملية حفظ الاثار العراقية
وتوثيقها حيث قال الدكتور رافع حراحشة الناطق الاعلامي باسم دائرة
الآثار"بعد ضبط الاثار المهربة من قبل دائرة الكمارك يتم تحويلها الى
دائرة الآُثار حيث نقوم بحفظها في مستودعاتنا ويطلع عليها خبراء آثار
لتقدير مدى حاجتها للمعالجة وتقييمها.واكد د.حراحشة حرص دائرة
الآثارالاردنية على تدريب ملاكات عراقية على حماية المواقع الاثرية وترميم
الآثار وصيانتها وعقد الدورات لذلك بالاضافة الى تسليمها جميع القطع
المحفوظة عند استتباب الاوضاع في العراق.كما اشار د.حراحشة الى ان الدائرة
تتعاون مع الدورات التدريبية التي تعقدها منظمة اليونيسكو والمنظمة
الاسلامية للثقافة والعلوم "اسيسكو"في الاردن لتدريب العراقيين على احدث
الطرق في مجال حفظ الآثار وصيانتها وترميمها